الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
محمد بن صالح العثيمين عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -قال: إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى، ودين الحق، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: أيها الأخوة المؤمنون: سأل جبريل النبي، صلى الله عليه وسلم، عن الإيمان بعد أن سأله عن الإسلام قال: فأخبرني عن الإيمان؟ فقال: والإيمان هو: "الاعتراف المستلزم للقبول والإذعان" أما مجرد أن يؤمن الإنسان بالشيء بدون أن يكون لديه قبول وإذعان، فهذا ليس بإيمان، بدليل أن المشركين مؤمنون بوجود الله ومؤمنون بأن الله هو الخالق، الرازق، المحيي، المميت، المدبر للأمور، وكذلك أيضًا فإن الواحد منهم قد يقر برسالة النبي، صلى الله عليه وسلم، ولا يكون مؤمنًا، فهذا أبو طالب عم النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يقر بأن النبي، صلى الله عليه وسلم، صادق وأن دينه حق يقول: وهذا البيت من لاميته المشهورة الطويلة التي قال عنها ابن كثير: ينبغي أن تكون إحدى المعلقات في الكعبة، ويقول أيضًا: فهذا إقرار بأن دين الرسول، صلى الله عليه وسلم، حق، لكن لم ينفعه ذلك، لأنه لم يقبله ولم يذعن له فكان ـ والعياذ بالله ـ بعد شفاعة النبي، صلى الله عليه وسلم، في ضحضاح من نار، وعليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه ـ نسأل الله تعالى أن يعافينا وإياكم من النار ـ وهو أهون الناس عذابًا لكنه يرى أنه أشدهم عذابًا، وكونه يرى أنه أشدهم عذابًا، فهذا تعذيب نفسي قلبي، لأن الإنسان إذا رأى غيره مثله في العذاب أو دونه يهون عليه ماهو فيه، ولهذا قال تعالى: وعلى هذا فنقول: إن الإيمان ليس مجرد الاعتراف، بل لابد من الاعتراف المستلزم للقبول والإذعان، ولقد عجبت أيما عجب حينما صعد جاجارين الروسي إلى الفضاء، وقال بعد أن صعد الفضاء ورأى وشاهد الآيات العظيمة، قال: إن لهذا الكون مدبرًا، ومع ذلك فلم يؤمن. الركن الأول: الإيمان بالله قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: الإيمان بوجود الله، والإيمان بربوبية الله، والإيمان بألوهية الله، والإيمان بأسمائه وصفاته. وهو أن تؤمن بأن الله تعالى موجود، والدليل على وجوده العقل، والحس والفطرة، والشرع. فالدليل العقلي على وجود الله ـ عزوجل ـ أن نقول: هذا الكون الذي أمامنا ونشاهده على هذا النظام البديع الذي لا يمكن أن يضطرب ولا يتصادم ولا يسقط بعضه بعضًا بل هو في غاية ما يكون من النظام ويذكر عن أبي حنيفة - رحمه الله - وكان معروفًا بالذكاء أنه جاءه قوم دهريون يقولون له: أثبت لنا وجود الله فقال: دعوني أفكر، ثم قال لهم: إني أفكر في سفينة أرست في ميناء دجلة وعليها حمل فنزل الحمل بدون حمال، وانصرفت السفينة بدون قائد، فقالوا : كيف تقول مثل ذلك الكلام فإن ذلك لا يعقل ولايمكن أن نصدقه؟ فقال: إذا كنتم لا تصدقون بها فكيف تصدقون بهذه الشمس، والقمر، والنجوم، والسماء، والأرض، كيف يمكن أن تصدقوا أنها وجدت بدون موجد؟!. وقد أشار الله تعالى إلى هذا الدليل العقلي بقوله: وسئل أعرابي فقيل له: بم عرفت ربك؟ والأعرابي لا يعرف إلا ما كان أمامه فقال: البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا تدل على السميع البصير؟ بلى.
|